الاثنين، 10 مارس 2014

فلسفة مكوجي

واحدة من تداعيات الغربة ومن طرقنا لمعالجتها .. وهي ان شققنا ضيقة ومهما وسعت فهي لن تسع لشخص غريب على العائلة كالشغالة مثلا .. ومع ضرورة وجودها لتراكم الاعباء المنزلية على راعيته فتضطر الاسر السودانية للاستعانة بعمالة مؤقته .. بمعنى عامل يؤدي المهام ولا يشاطرك السكن ( الاصلا مشطور) .. واحد من هؤلاء هو المكوجي وفي الغالب اما هندي او بنقالي او فلبيني .. يأتي مرة في الاسبوع وفي وقت معين لمدة ساعتين ولانه سيحتل الصالون ووصلة التلفزيون فعليك انت رب المنزل ان تترك له الدار وتذهب الى حكايات .. اي تبحث لك عن جبل يعصمك من ثرثرته .. لانك لو جلست قربه قلت تقرأ في جريده قربه سيهراك بالاسئلة الفضولية التي هي من نوع ( بابا انت فين في سودان ؟ ) كأنه يعرف السودان حارة حارة وزنقه زنقة .. لكن السؤال نفسه فخ سيجرك الى تحقيق لأنك لو قلت كسلا او مدني مثلا وهو من السودان لايعرف سوى الخرطوم .. ويبدا يسالك عن بعد بلدك عن الخرطوم .. ومن ثم يقدم لك نفسه على انه يرغب في الاغتراب للسودان لانه سمع انه هنالك بترول ومافي كفيل .. وانه عنده اولاد عمه مغتربين في السودان .. وانه هو ما عنده مانع ان تكون انت كفيله في غربته الجديدة او احد أخوانك اذا طبقت الدولة نظام الكفيل ... باختصار انا يوم المكوجي وطنت نفسي الا احضر البيت الا بعد ان ينقضي وينصرف ..
كل المكوجية وهم من شرق اسيا متفقين في الطباع والفضول كأنهم خريجي مدرسة واحدة عدا واحدا اسمه حنيس او حنيف وهو عمل معنا سنتين والى ان غادرنا من يومين نحن لم نتأكد هل اسمه الاول أم الثاني .. لكن ما يميز حنيس وهو اولا قليل الكلام جدا بل يكاد لا يتكلم الا ليسال عن غرض يخص شغله كجك الماء او البطانية .. والاغرب انه حنيس يقدس عمله جدا بدليل انه يمتلك كل ادوات انتاجه كالمكواة مثلا وهي ماركة معينة اعتقد انها من تيفال .. وكذلك وصلة الكهرباء وله شنطة خاصة بأدواته .. وحنيس لا يستخدم الا ماء الصحة الغالية .. فهي لان مكواته تعمل بالبخار وتحتاج لتعبئتها بالماء فهو يعتقد انه ماء الحنفية بها املاح وتسبب فشلا كلويا لمكواته .لذلك يصر على تعبئتها من ماء القارورة النقية الغالية التي لترها بريال في حين لتر البنزين أقل من نصف ريال.
بعد يومين فجأه هل علينا حنيس و فاجأنا بأنه انتقل من سكنه الى مكان ابعد ولا يستطيع ان يحضر لنا اي انه استقال من عمله معنا .. بالطبع تأثرنا وحاولنا معه نقاشا ان نصل لحلولدون جدوى .. وقال انه كان يحضر لنا بدراجته الهوائية والحين المشوار اصبح بعيدا جدا عن سكنه الجديد .. وتحاورنا معه كثيرا بحثا عن شخص بديل من طرفه يكون ذو ثقة وبخبرته وحنكته لكن قال لا يعرف احدا ... بعد ساعتين اتصل علينا حنيس بأنه وجد الحل مقدما اقتراحا قائلا ( بابا مافي مشكلة انا في دور شقة ثانية لانت هنا قريب )
بمعنى انه حنيس مشكورا تطوع ان يبحث لنا عن شقة قرب سكنه الجديد تكون لنا عيدا وبمعنى آخر ( ظز في المدارس وفي الشغل وفي الجيران وفي حينا الحالي بأن نرحل قربه ونضمن كيه)
حقيقة انا عجبتني فلسفته وهي في ان نتختزل كل مشاكلنا وهمومنا في همه هو فقط وهو كي الملابس ونقدمها على كل اولوياتنا ... وكيه للمابينا وايضا الراجينا ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق