الأربعاء، 13 نوفمبر 2013

ريبورتاج بيت العرس في السودان

بيت العرس مصطلح عندنا في السودان يطلق علي اي بيت ستقوم فيه مناسبة زواج     قبل وبعد خمسة عشر يوما من قيام المناسبة .. وقد تزيد هذه المدة او تقصر .. بالتالي اي بيت عندنا فيه شباب من الجنسين في سن الزواج والتي يمكن ان تبدا من خمسة عشر عاما عند البنات وانت صاعد وعشرين عاما عند الاولاد قد تكون اقل في الريف او حتى في المدن في ظروف معينة ( يكون الشاب وحيد والده الثري .. ويريد ان يفرح به ويشوف جنى جناه .. او كما يقال ) .. لكن قبل ان يتحول البيت الى بيت العرس .. انا عبر هذا الموضوع ساسلط الضوء على بيت العرس في السودان في شكل ريبورتاج .. بمعنى ساستخدم عدة وسائل قد تكون تقرير او اسكتش او مقال حتى نبرز هوية بيت العرس عندنا في السودان .. وبيت العرس فيه ميزات تدقدق جميع حواس الانسان .. مثلا دق وتحضير العطور المميزة من بخور وخلافه تلامس حاسة الشم... تعليم العروس والذي يستغرق عدة اسابيع قبل المناسبة من انغام وغناء تلامس السمع .. وكذلك صيانة البيت والطلاء تلامس النظر...
المرحلة التي تسبق بيت العرس في السودان .. هي مرحلة الخطبة ومن المفترض انها هي تعتبر مرحلة الكتمان .. ولكن نحن عندنا طريقة عجيبة في الكتمان نسيقها في المشهد التالي ..
- علوية عندي ليك خبر بس حلفتك ما تقولي لزول لانه هو سر وقالوا لي ما تقوليه لكن انا عشان بعزك .
- قولي يا سعاد وسرك في بير غريقة ( الظاهر عليها بير ارتوازية ومركب علية مضخة رشاشة ) .
- سمعت قالوا محمد ود ستنا اتقدم لعفراء بت احسان بس حلفتك ما تقولي لزول
- هي يعني الخبر دا صحي انا قالتو لي سارة بتي وقالت كلمتها عفراء نفسها ولكن برضو قالت ليها سر وما تقولو لزول الخبر لسع داسنه .
ويظل هذا الخبر السري المدسوس يعم كل القرى والحضر بنفس الصيغة ( سر ما تقولوا لزول ) وعندما يحضر العريس في الاجازة يستقبله الرجال بابتسامة خبيثة .. حمد الله على السلامة يا عريس .. اها ما نويت المره دي ولا لسع ما لقيت بت الحلال ( تعقبها ابتسامة خبيثة تدل على ان كل البلد عرفت من هي بت الحلال المرتقبة ) ..
الولد يرجع يعاتب امه واخواته : يا ايمه انا اقول ليكم شوفوا لي عفراء مرتبطة ولا لا اجي الاقي كل السودان عرف انه انا سالت منها .
الام : هاي يا ولد الزمن دا في شئ بيندسه .. تلاقيك انت بخشمك الخفيف دا اتنوست بيها في الغربة والمغتربين النازلين وطالعين ديل نقلوا الخبر ( عبقرية تحويل الدفاع لهجوم عند الامهات .. الله يحفظهن ) ..
ويجد العريس الذي تجرا وسال عن بت شاهدها في شريط فيديوا مدفوع دفعا من كل المجتمع لزواجها ...
والى الخطوات الاخرى التي ستحول بيت عفراء ومحمد الى بيت عرس ..
من انتشار الخبر وهمس الناس وحرارة استقبال العريس من اهل البنت المختارة .يعرف العريس بانه ابواب الخيارات الاخرى قد قفلت تماما .. وعليه ان يعلن الحرب اقصد الحب ...:بعبارة من نوع : يمه خلاص امشوا للجماعة ديل وافتحوا الخشم ( فتح الخشم تعبير سوداني يشير الى الطلب الرسمي المعلن وليس له اي علاقة بطب الاسنان بمعنى يفتح فم العروس ويفحصوا اسنانها كانها نعجة او خروف ).
الام تقول : نفتح خشمنا كدا مجان يا ولدي ما تدفع خلينا نديهم انشاء الله مليون .. وهي اشارة الى ان فتح الخشم هو عبارة عن مبلغ من المال اشبه بالعربون في الصفقات التجارية لانه لا يكون خصما على اي بند من بنود الزواج الاخرى التي تشمل المهر والشيلة والدكان كما انه غير قابل للارجاع في حال فشلت الخطبة ...
تاخذ الام جاراتها المقربات واخواتها اي خالات العريس .. في وفد رسمي عدد معقول يتكون من ست الى سبعة نساء ليس بينهن بنت صغيرة او عزباء وان كان يجوز في بعض الاحيان اذا كانت العروس صديقة اخت العريس او زميلتها في الدراسة .
عملية فتح الخشم هي المرحلة التي ينطلق فيها الزواج من منطقة الكتمان المذكورة سابقا الى مرحلة العلن .. وهي المرحلة التي يتحول فيها البيتين الى ما عرف بمصطلح بيت العرس .. ويبدا الجيران يستخدمون هذا الاسم لذكر اي موضوع يتعلق بالبيتين ..
_ يابت امك وين ؟؟
- راحت بيت العرس يا ابوي
- ياولد ابوك راح الشغل ولا شنو؟؟
- لا يا عمي قاعد في بيت العرس يتونس هناك
بعد فتح الخشم اي الخطبة المعلنة تبدا منها اجراءات منها تحديد يوم القران والذي تسبقه الحنة وقبلهم الشيلة والتي غالبا ما يحضرها المغترب معه بعد ان يكون اشتراها من بلاد الغربة واستعان في شرائها بزوجات اصدقائه او اخواته ان كن في الغربة . والتي غالبا لن تعجب العروس وتبدا في تغييرها بمجرد ما تستلمها وتعرف ان اخوات العريس هن من اشترينها ..
من تاريخ تحديد الزواج بعد الخطبة المعلنة والتي تعارف عليها الناس باسم فتح الخشم تعقبها خطوة اكثر رسمية .. وهي يتقدم والد العريس واعمامه وخيلانه لطلب يد البنت رسميا ( يعني طلب كرت العروس من الفيفا )( لا ادري لماذا يطلق على خطوبة البنت (طلب يدها) .. اشمعنى اليد من دون اعضاء الجسم ) .. المهم بعد ذلك يبدا اهل العروس واهل العريس يطلقون على بعضهم البعض كلمة ( نسابتنا ) مثال ممكن تسمع عبارة ( تعرف نسابتنا ناس عبد الغفار ديل امس جاهم حرامي )..
وبعد الخطوبة وتحديد موعد الزواج والتي تكون قصيرة عادة اذا كان العريس مغترب واجازته محدودة وسيترك العروس خلفه ويبحث لها عن طريقة استقدام بعد ان يقضي معها باقي اجازته شهر او اقل .
لذلك اول خطوة هي طباعة الكروت تطرقت لجانب منها في موضوع ( مواقف مع كروت الافراح ) بحكم عملي السابق كمدير لمطبعة بالسودان .. فاهلنا عادة يطبعون عدد كبير جدا من الكروت ربما يكون اكثر حتى من معارفهم . وبعد ذلك يحتاروا في توزيع هذه الكروت .. حتى يستعينوا بكشوفات اللجان الشعبية والتي عادة لاتحدث ابدا لذلك يوجد بها كثير من المراحيم والمتوفين .. وانا اشهد بان جارنا وصلته دعوة لتناول وجبة الغداء بعد وفاته بخمس سنوات ( الله يرحمه ) وذلك لان الناس ياخذون الاسماء من القوائم وينزلونها في الكروت ويوزعوها دون اي دراسة.
مع بداية طباعة الكروت توجد ظاهرة عجيب واعتقد هي ميزة من ميزات الشعب السوداني .. وهي مجموعة من المتطوعين الشباب دعونا نطلق عليهم اصدقاء العريس وهم مثل اصدقاء الشرطة او اصدقاء البيئة .. مجموعة من الشباب دون اي انذار او خطوة مسبقة تجدهم تولوا زمام الامور في بيوت المناسبات وبداوا يوزعون الادوار والمهام على بعضهم البعض .. بدءا من الكروت .. والغريبة كل واحد منهم يحس بانه اهم من الاخرين وتنطبق عليه اغنية ترباس ( انت المهم والناس كثير ما تهمني )
قد تكون لهم مارب اخرى من وجودهم في بيت العرس ..كان يختلطوا بالبنات مثلا .. واصلا بيت العرس يتحول الى مجمع للغزل المتاح . ورغما ان البنات في كثير من الاحيان يستخفون باصدقاء العريس ويطلقون عليهم القاب من نوع ( عماد رشاقة وخالد خفة وهكذا ) انا في الاول كنت مفتكر ان مدينتنا هي فقط تتميز بوجود هؤلاء الاصدقاء لكن بعد ذلك شاهدتهم في كثير من مدن السودان بما فيهم ودمدني والخرطوم وبورتسودان .
واصدقاء العريس يتولون في البداية تعبئة الكروت وكذلك توزيعها تسمع جمل طايرة هنا وهناك من نوع ( انا ادروني كروت المنطقة صناعية ، وواحد ثاني كروت حي البوستة ديل خلوهم لي .. وواحد ثالث انا خلو لي ناس السوق .. وهكذا .. توجد كل واحد تولى تعبئة وتوزيع حوالي العشرين كرت ) ليفاجا العريس يوم العرس بانه لا يعرف ثلاث ارباع المدعويين باستثناء الاهل والجيران ... بل اكثر من ذلك احيانا يتفاجا باحد يلومه وهو يكون اول مره شاهده في حياته ويدور حوار كالتالي ..
- شنو يا عريس ما بتعزمنا مالك .. والله نحن كان ما معزة حاج خضر بالسمع ساكت جينا .
- يا اخوانا اسف طبعا زي ما عارفين انا جيت واجازتي قصيرة وطولت من البلد ( ويبدا يخلق في اعذار رغما عن انه يمكن يقسم بذلك في حياته ما شاهد الشخص الذي يعتذر له الان ).
سنعود للنقل لكم مشاهد من اليومين السابقين لبيت العرس
خلال اليومين الذين يسبقان العرس
تدب حركة نشيطة جدا في بيت العرس قوامها النسوة والبنات من الاهل والجيران والاقارب والاخوان بقيادة اصدقاء العريس .. فلاصدقاء العريس قدرة عجيبة في تولي القيادة . وبدلا ما هم يكونوا منتظرين الاوامر .. هم يصدرون الاوامر والعريس بالنسبة لهم يتحول الى بنك ممول فقط وخاصة اذا كان مغترب يحمل كثير من الريالات التي ادخرها خلال ثلاث سنوات . لاصدقاء العريس القدرة على تبديدها خلال اسبوع .. اي ما تبقى منها بعد ماتكون ام العروس قد خصمت كل بنودها الاخرى من نوع ( حق الحنانة وحق الكوافير وحق الخياطة وحق العلامة وحق الخبيز وحق العجين وحق الحق ) لكل ام عروس قدرة عجيبة في فتح بنود جديدة من الصرف ترفع للعريس فورا .
والعريس اذا كان مغترب فترة طويلة من البلد تجاوزت العشر سنين ولم يحضر مناسبة في السودان تجده مندهش من افعال اصدقاء العريس وتجده يمشي خلفهم بهبل واضح وهو يفرك يديه ويشكر فيهم بعبارات هم عادة لا يسمعونها من نوع (يا اخوانا ما قصرتو والله .. ربنا يقدرنا على جزاكم ... انشاء الله في افراحكم .. انشاء الله ما عدمناكم ) وهم لو انتبهوا له سيرد احدهم بغيظ ( تشكرنا على شنو يا ابو الشباب دا ما واجبنا نحن .. انت بس ربنا يهنيك )..واصدقاء العريس اصلا يستمتعون بالعرس وايامه اكثر من العريس نفسه ..
والطريف والاغرب ان اصدقاء العريس ممكن يستاذنوا من اشغالهم في اليومين الذين يسبقان المناسبة .. والغريبة دائما ينجحوا في اخذ الاذن . في حين ممكن يكون اخوان العريس واعمامه اي اهل المناسبة انفسهم مداومين في اعمالهم بصورة روتينية .. وقد حدثت معي انا فعلا يوم زواج اخي الاكبر .. قبل يوم من العرس انا كنت مداوم في العمل واصدقاء العريس مؤجزين ومعسكرين ببيتنا .. بل اكثر من ذلك كانوا يمرون علي في مكان عملي بصحبة العريس ويكلفوني ببعض المهام .. بل احدهم كلفني بمهة احضار نشارة العرس .. واصر والح بانها ضرورية جدا .. دون ان يقول لي ما هي فوائدها واستخداماتها ودورها .. وانا فعلا اجتهدت وارسلت العمال في ان يبحثوا لنا عن نشارة لاتمام زواج الاخ ..
ولسوء الحظ او لحسنه لا ادري صادف في تلك الفترة انه كانت توجد منظمة تعمل في ابحاث الطاقة البديلة .. واشتروا كل النشارة من السوق لدرجة اعتقد ان النجارين اصبحوا يجمعوا الاخشاب وينشروها حتى تتحول لنشارة ويبيعوها .. ,اخر مرة زارني فيها صديق العريس متفقدا موقف النشارة وفجعته انا بالخبر صفق يديه وذهب متاسفا .. وخفت انا من اتلاف زواج الاخ لدرجة اني فكرت اشتري لوح خشب واعطيه لنجار واطلب منه ان يفرمه لنا سفري .. لكن تريست والحمد لله بعد ان انقضى العرس عدت .. وسالت صديق العريس .. لاني لاحظت كل خطوات العرس بدءا من الماذون وانتهاءا بالفنانين لم يطلب اي واحد منهم النشارة ..سالته : ( انت يا درش النشارة كنت عاوزها شنو ؟؟) رد لي بغيظ واضح ( ما للثلج يعني لشنو حتكون ) والجدير بالذكر ان الزواج كان في ايام الشتاء والثلج ظل ثلاثة ايام بعد المناسبة دون ان يذوب ودون ان يحتاجه احد لدرجة طمعتني انا فكرت ان احتفظ به حتى موعد زواجي .
لاحظوا نحن الان نتحدث عن بيت العرس عندما يكون العريس هو الرجل بحيث يختلف الوضع عندما يكون البيت هو بيت العروس اي الانثى .في اليومين الذين يسبقان العرس تبدا مراسم الحنة .. وعادة يحدث صراع في الحنة الاولى حيث تظهر في بعض الاحيان واحدة من خالات العريس او عماته وتقول ان الحنة البيضاء ستكون في بيتها وهي من زمان ناذرة انها تخت حنة خالد البيضاء في بيتها .. والحنة البيضاء مقصود بها هي اول حنة يختها العريس في رجله والتي تحول رجله من اللون الابيض ( اصطلاحا) الى اللون البني او الاحمر حسب لون الحنة .. ويحدث صراع بين ام العريس وعمته في انه كيف ولدها يتحنن في بيت ثاني .. ,قد يحدث خصام ربما يحسمه واحد من الاقارب المتدينين بعبارة اصلا ان الحنة للرجل حرام شرعا .. ويبدا الاثنان يتنازلن عندما يكتشفن ان الموضوع في طريقة للالغاء برمته
يوم حنة العريس :
هو عادة يكون قبل العرس بيوم .. وهو نفس اليوم في معظم الاحيان الذي تقام فيه دعوة العريس سوى كانت غداء او تناول المرطبات او عشاء مع الحفل .. العريس يكون سبقها بعدة جلسات حنة غير رسمية وهي كما ذكرنا الحنة البيضاء او يمكن نسميها حجر الاساس .. والحنة هي رمز سوداني يعلن للكل وبقوة ان هذا الشخص فلان قد انتقل من طور العزوبية الى عالم الاسر اي سيسمح له بدخول الاسواق العائلية في الغربة .. لكن طبعا بعد ما يستقدم الزوجة .. اي هو مشروع رب اسرة قادم .
خلونا نقف عند دعوة الغداء لاهل العريس التي تسبق حفل الحنة .. عادة يقام سرداق ضخم امام بيت آل العريس . وبمساعدة اصدقاء العريس والذين يكونوا مساهرين حتى الصبح قبل الحنة .. بعضهم يكون ذهب مع الطباخين لشراء الخضار وبعضهم يكون ذهب الى زريبة المواشئ لشراء الخرفان والعجول .. والبعض الاخر انشغل بتركيب الصيوان وتجهيز مكان الدعوة ..
كل مرة يظهر واحد منهم للعريس يطلب عربون من المال لمهمة ما .. ( اقول ليك يا عريس اطلع لينا بعشرة الف نحجز بيها الرغيف من الفرن .. وواحد ثاني خمسين الف يا عريس عربون بتاع الساوند .. ويا عريس ما اديتنا حق الببسي .. ويا عريس الفنان خالد سكسك دا قال متبرع ليك بالحفلة حا يغني مجانا بس عاوز خمسمائة الف بتاعة العازفين والذي منه وكدا ) والعريس غرقان في موجة فرح تحت زغاريد الاهل والخالات والشابات ( يسلسل في الاموال بدون اي حساب او مراقبة .. لا من نفسه ولا من اي احد آخر ...) وكل ما يحاول يفكر او يركز تلهيه عبارة من نوع ( ابشر يا عريس ) منطلقة من احد اعمام او الجيران صانعة فيه فرح مؤقت كفيل بتطيير الهم والتركيز في الحساب خاصة اذا أعقبتها زغرودة من واحدة حسناء.
يوم الدعوة في الغداء يظهر اناس جدد اكبر في السن لهم ايضا مهام وسلطات وصلاحيات انتزعوها انتزاعا ولم توهب لهم ،على دعوة الغداء بالذات وهم معنيين بتوجيه الصواني .. اي دورهم رقابي .. وهم ربما كانو اصدقاء عريس في صباهم .. والان نزلوا معاش واصبحوا منظمي غداء .. وهم عادة لا يعملون بيدهم مثل اصدقاء العريس ولكن يكتفوا بإصدار الأوامر والتعليمات .. مثال يا جماعة انتو تفضلوا هنا ... يا جماعة غسلوا اياديكم .. انت يا استاذ اتفضل اقعد هنا سبع الجماعة ديل ... يا جماعة ناقصكم حاجة .. عايزين ضلع كمونية .. محشي اي حاجة ما تستحوا زي بيتكم ( مع انه ممكن يكون الناس الذين يخاطبهم هم اهل البيت فعلا مثل اخوان العريس واعمامه و لكن هو الغريب اي صديق العريس معاش ) .
ليلة الحنة ..
بعد ما انفض اهل دعوة العريس من وجبات الغداء .. ومن بعد المغرب تقريبا .. يبدا اصدقاء العريس في فك الصيوان ... وتغييره من شكل صالون عملاق .. الى شكل سور كبير تمهيدا لتجهيز مكان حفلة الحنة ..والحفلة عندما تكون مسورة يسهل السيطرة عليها ..
وكذلك يبداون في رص الكراسي .. بحيث يصبح المكان كانه قاعة لمسرح ... وبعد ذلك يبدا الاهل وخاصة كبار السن من النساء في اعداد معدات تقوس حنة العريس .. وهي عبارة عن عنقريب ( سرير من الخشب ) منقوش وجميل .. ويفرش عليه البرش الملون ( فرش يصنع من سعف النخيل استبدل اخيرا بملاية فخمة تصنع من الحرير وتعرف بملاية الجرتق .. ( والجرتق نفسه هو عادة سودانية متوارثه فيها شبهة الوثنية ... لان بها تقوس وبخور ولبسات غريبة يغلب عليها اللون الاحمر .. ومن ضمنها شريط احمر من الحرير يربط في راس العريس ومثبت عليه هلال من الذهب 
مشروع دعم العريس

مشروع دعم العريس عندنا ينقسم لنوعين .. نوع اول شبه الزامي وهو كما ذكرنا يعبر عنه في كرت الدعوة بعبارة العاقبة عندكم في المسرات او ودامت افراحكم واقول شبه الزامي بمعنى لو حضرت دعوة الغداء ( واتجدعت في الصينيبة وطالبت بضلع بدل فاقد واستبدال الكسرة برغيف ) وبعد ذلك خرجت دونما تدفع في الكشف لن تجد احد وقف ومسك بتلابيبك وقال لك تعال عنا ماشي وين انت داخل تكية السيد الحسن مثل ما يحدث في المطاعم .. لكن الحق يقال انه اهلنا لايذهبون الى المناسبة اذا لم يضمنوا حق الكشف في جيبهم قليل او اكثر لانها محرجة وهم حساسين .. والعبارتين في معناهما البعيد اشبه بمعنى دينونا وبتلقوه قدام .. او ردوا ما عليكم من دين .. طبعا هذا الشرح العميق يستفذ بعض الناس لانهم سيشعروا بالاهانة .. وانا لا استنكر الفكرة بل هي اشارة واضحة للتضامن والتكافل الاجتماعي .. لتخفف الناس عن بعض معاناة مصاريف الزواج .. واعانة العريس من السنة ومن الاعمال الخيرة التي حث عليها النبي صلى الله عليه وسلم . 

لذلك تجد في صيوان الغداء وهو كما ذكرنا السرداق الضخم في الطرف يجلس مجموعة من الشباب المحصلين في تربيزة ومعهم كراس يسجلون اسم الدافع ومبلغ الدفع .. وهؤلاء المحصلين قد يكونوا من رابطة اصدقاء العريس او من الجيران لان الاهل والاقارب عادة يعيبون الجلوس في صندوق الكشف ومراقبة المدعويين ( يا لكرامة هذا الشعب الابي ) لا اذكر حصل يوم ذهبت الى مناسبة في كسلا او اي مدينة اخرى ووجدت اهل المناسبة هم من يجلسون على تربيزة المحاسبة وصندوق الكشف .. 
كما توجد الطريقة الثانية لدعم العريس وهي طريقة غير محببة لحظة حفلة الحنة تجد احد الشباب استلم الميكرفون بدا يزيع في المتحصلات .. من نوع : 
شووووووووبش فلان الفلاني خال العريش خمسة مليون جنيه 
تعقبها زغاريد تزيد قوتها وتضعف وفقا لقيمة المبلغ او لاسم الشخص احيانا .. وهي تسبب حرج لبعض الناس وهي نوع من التفاخر ربما أضطر واحد تحت الحماس والتباهي والتفاخر ان يدفع مبلغا كبيرا لا يكون يمتلكه وتحت شعار ( يحلها الف حلال ) بعدين العريس يروح شهر العسل واخونا يروح السجن والعياذ بالله .
ابشر يا عريس
لا ادري ما هو اصل هذه العبارة وماذا تعني .. كلمة اعتدنا ان نطلقها كل ما مر من قربنا العريس ونحن نرفع ايادينا الى اعلى ونطرق الاصبع السبابة مع اخيه الاوسط وتحدث طرقعه اصطلح عليها الاهل بتسمية البشير او التبشير .. اي ان الحركة ارتبطت بالكلمة واشتقت منها .. والتبشير عبارة عربية وهي تعني التنبؤ بالخير او الوعد بالبشر .. ولكن ابشر يا عريس كلمة معبرة رغما عن انها مبتورة فانت لا تحدد بماذا تبشر العريس . ولكن المعنى في بطن المبشر والعريس ذات نفسه لانهما الاثنان يسعدان بها . 
وبعد ذلك ارتبطت هذه الحركة بنانا نحن السودانيين حتى في الحفلات العامة والفنان في حفلات التلفزيون يحس بانه لديه واجب تجاه الجمهور فيدور عليهم موزعا التبشيرات ليتجاوب معه الناس يبادلونه التباشير ( بدون بشاورة) 
تبشيرة العريس عرفنها هدفها ومعناها لكن ما لاافهمه هو تبشيرة الفنان في الحفلات العامة والقاعات ... في الحقيقة هي ظاهرة جديدة .. حتى الفنانين القدام ليست عندهم .. نرجع لموضوعنا ..
تخصص بعض الفنانات في زفة العريس يوم الحنة .. اي نجر اغاني خاصة به وباهله .. بعض هؤلاء الفنانات عندهن اغاني اشبه بالاستمارة فهي اي الفنانة لها قدرة عجيبة في تفريغها كل مرة من محتواها وتعبئتها باسم العريس واهله وخالاته وقبيلته ومكان عمله وخاصة اذا كان في ابو ظبي او دبي كثير ما ورد اسم هاتين المدينتين في اغاني السيرة .. بل اكثر من ذلك لهن قدرة ايضا على التقاط الاسماء العابرة وادخالها في الاغنية وهي ساخنة مثل اذا كان صديق العريس اسمه صلاح ممكن تسمع ( يا عروستو شبه التفاح عقبال عند صاحبو صلاح)..


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق