السبت، 9 نوفمبر 2013

محطة العمدة

محطة مكتظة خلال النهار الحار والشمس كانها تأبى ان تفارق كبد السماء بصورة تكاد لا تترك ظل لشئ يتخطى تحته . اكتظت المظلة بالمنتظرين وطلاب المدارس والذين ينتظرون البصات التي تقلهم الى ذويهم . حتى اخيرا وكعادة شهامة السودانيين تنازل الرجال عن ظل المظلة الشحيح للنساء والبنات . واكتفى الموظفون بوضع الجرائد على رؤوسهم والطلاب بوضع الشنط . اما النساء والطالبات فانحشرن تحت المظلة في زحمة وهن يستجدين الظل . والكل يترقب وينظر في اتجاه السوق في انتظار ما يلوح في الافق من حافلات او وبصات . 
اما اصحاب السيارات الصغيرة من طراز امجاد وركشات فهم يتجولون وسط المنتظرين لا قتناص المستسلمين منهم وهم يهمسون ويلوحون بمفاتيحهم بصورة مغرية وهم يعرضون بضاعتهم المسجاة على الطريق . 
( يا ابوالشباب امجاد كيف لغاية بحري مكيفة ومحمد الامين استريو ) وواحد آخر ( يا اخي ركشة وانت والشباب المعاكم ديل يعني عاجبكم الحر دا كلها خمسماية زيادة عن الحافلة المنتظرنها بالساعات دي ) 
اصحاب الركشات والامجاد يستعرضون في سياراتهم والمنتظرون يتجنبون النظر اليهم والاستماع الى اغراءاتهم ربما خوفا من الاستسلام لهم . لانه حتما مبلغا زياده سيكون على حساب شئ آخر اما كيس الخبز او بطيخة وعد بها الابناء في ذلك اليوم . 
ورغما عن ان اصحاب الامجاد والركشات تنازلوا عن السعر حتى كاد يلامس سعر الحافلات الا انهم لم يجدوا اي تنازل من المنتظرين . الى ان جاءت الهزه في لحظة من سائق تاكسي حاقد على كل الاطراف . فهو حاقد على المواطنين لانهم اذا توفر لديهم المال تركوا الحافلة وبحثوا عن الامجاد . واذا كان المشوار قريب بحثوا عن الركشات . اصبح التاكسي لا مكان له من الاعراب . جاء صاحب التاكسي ورمى قنبلته على الجميع . 

( انت يا اخوان منتظرين شنو ما سمعتو انه ناس الحافلات والبصات عاملين اضراب ) 

بعد هذه الصاعقة وجم الجميع وبسرعة تصرف اصحاب الامجاد والركشات كل واحد جرى نحو سيارته وفعلا بدا الركاب في مزاحمة الامجاد والركشات بل ذهب جمع منهم وبداو في مساومة صاحب التاكسي . 
اصحاب الامجاد وبكل راس مرفوع عادوا الى سعرهم الاول ورفضوا التنازل عنه بصورة سادية اشبه بالانتقام . بل بعضهم تمادى في تعذيب المواطنين . وبدا الطلاب يبحثون في شنطهم عساهم يعثرون على بواقي مبلغ منسي يفك كربتهم . 
المنتظرين وهم يعتريهم الاحباط والسائقين تسودهم روح السادية والانتقام وبين هذا الصراع الصامت والزحمات التي اصقلها حر ذلك اليوم اذا يقطع الصمت صوت سيارة ضخمة ومساعد صغير اطرب الجمع ذلك اليوم في صوت فاق طربا حتى غناء محمد الامين 
( بحري بحري بحري بحري بحري بحري ) 
هرع الجميع نحو البص العملاق والطلاب والطالبات فرحين بهذا الاتقاذ واصحاب الركشات والامجاد ينظرون الى الفرصة التي لم يحسنون استغلالها تتبخر بين ايديهم كما جاءت وصاحب التاكسي ينسحب شامتا نحو محطة اخري يحبطها باشاعة ويحبط الامجاد والركشات بتكذيبها

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق