الأربعاء، 6 نوفمبر 2013

كتمة نفس

             استيقظ من النوم وسط الليل مفزوعا وهو يحس بالاختناق .. تاكد من وضع الكمامة في انفه وفمه وجدها مستقرة في مكانها ونظر الى عداد اسطوانة الاكسجين ليجد الاسطوانة في نهايتها فازداد فزعا نظر لمن حوله كل اهل البيت يغطون في نوم عميق و يستمتعون بكماماتهم واسطواناتهم في نوم هادي .. ندم على الكسل كان من الأفضل ان يعبئ اسطوانته قبل النوم .. ايقظ امه يمكن قلب الام يحن وتمده باسطوانتها الاحتياطية حتى الصباح او حتى يمكن ان تقاسمه النفس لانها امه .. ودار حوار في رايه اغرب حوار يدور بين ام وابنها فلذة كبدها كما كان يقال في الماضي..
قال : امي امي قومي يا امي ..
قالت : مالك يا ولد خلعتنا في شنو ؟؟
قال : يا امي اكسجيني باقي فيه خطين ما بيكفن للصباح ..ممكن تديني نفس معاك ولا الاسطوانة الاحتياطية بتاعتك ..
قالت : تستاهل الليلة تموت بالخنقة انا بالليل ما قلت ليك امشي عبي اسطواناتك دي من محل الاكسجين قبل ما تنوم قلت بتكفيني للصباح وبعدين انت ضامن ناس الغاز يفتحوا الصباح ولا ما يفتحوا ..
قال: يمه دا ما وقت عتاب انا شاعر بنفسي بدا ينكتم ..
قالت : ما من كلامك الكثير هسع لو رقدت بحبة النفس العندك دي يمكن كان كفتك للصباح ..بعدين انت انتفس براحة سيب الهلع بتاعك البتعملو في الاكل دا واحدة واحدة حتكفيك ونوم نومك .
قال : يا يمة انا ما كنت قايلك قاسية كدا على ولدك وفلذة كبدك زمان الامهات كانوا يرضعوا الاولاد من ثديهم ويفدوهم بدمهم .
الام : يا ولدي ما كفاية ولدتك يمين انا في ولادتك بس مكملة لي يمكن اربعة اسطوانات اكسجين من شدة ما قومت نفسي . هسع خليتنا اتكلمنا كثير وصرفنا هوا على الفاضي امشي نوم بباقي الخطين ديل . 
قال: يا يمه قلت ليك انا عارف نفسي والصباح باقي علية ثلاثة ساعات وانا الخطين بيكفني ساعة ونص فقط ..
الام : سجمي ياولدي خطين في ساعة نص بس صحي انت شرفان ومكمل قروشنا في الهوى والاكل يا ولدي من زمان انا بقول ليك اتنقس براحة واكل براحة الدنيا ما طايرة ..
هنا تصدر همهمات من بعض النائمين ويستيقظ احد الشباب : شنو يا يمه الازعاج حميتونا النوم ذاتو ..
الام : قوم يا وليد ولدي شوف اخوك خالد دا قال نفسه قطع باقي ليه خطين ما بيكفنه للصباح ..
وليد : صحي يا يمه في حد الزمن دا يقعد ثلاثة ساعات بخطين اكسجين والزمن دا الاكسجين ذاتو مغشوش نصه بخار موية وغازات تانية حامياني ما زي زمنكم زمن كان فيه هيئة توفير الاكسجين الحكومية والغاز كان يجي بالمواسير لغاية البيت .
الام : طيب ما دام قلت كدا اديه واحدة من اسطوناتك يكمل بيها باقي الليل دا والصباح يعوضها ليك ..
وليد : لكن نحن اسطواناتنا رياضية ماركة اديداس هو ما بيقدر عليها دي فيها اكسجين مركز مخلوط مع الفاتمينات صرفوها لينا في النادي يمين يجر منها نفس واحد ولدك التعبان دا الا يقح لامن يجيب دم ..
خالد متدخلا بغيظ : يا سلام منو القال ليك ملا بقدر عليها انت بس هات واحدة وبطل الفصاحة عشان اتمرنت ليك تمرينين تلاتة عاوز تعمل فيها رباضى وجسمك قوي ..
وتنضم الى الحوار احدى البنات الشابات بعد ان تستيقظ من النوم : يمه مالكم صاحين في شنو ..
الام : بنتناقش بسبب اخوك خالد قال نفسو قطع وباقي ليه خطين اكسجين ممكن تسلفيه اسطوانتك الاحتياطية لغاية الصباح ..يا سوسن يا بتي اخوك ما يخنق كمان بالليل دا .
سوسن : زمان ما كان بتفلسف يقول انا جني وجن اسطوانات البنات مرة بنكهة الفراولة ومرة بنكهة المناكير بتقرفني وتطممم لي بطني هسع ما بتطمم ليه بطنه ؟؟
الام : يابتي ما في وقت للكلام دا اها اخوكم زعلتو وخليتوه شفط نص الخطين والكلام غلبوا ها شوفوه رقد الحقوه يا اولادي الولد غمر خلاص..
وليد : يمه هو ما ولدك انتي ما تجيبي ليه اسطوانتك الاحتياطية انا بالجد اسطواناتي ما بيقدر عليها ولا أي واحد منكم هنا .
الام : ياولدي طيب امشي جيبها من الثلاجة تلقى المقتاح في الدولاب سريع ,...
وفعلا في آخر لحظة يتم اسعاف خالد باحضار الاسطوانة وفي هذه اللحظة يستيقظ باقي اهل البيت وتحضر البنت المتزوجة خالدة مع زوجها وطفلها ليعرفوا ما سبب الضجيج ويتحول الليل لنهار وتجلس الاسرة تتسامر قبل ما ينبلج الفجر 
ويحضر الاب .. والكل يحمل اسطوانات الاكسجين والتي لها صمامات محكمة . ولكن ما الذي حدث في الارض اين ذهب الاكسجين واسئلة كثيرة يحملها الجيل الجديد وفي انتظار اجوبة الكبار ان كان عندهم معلومات .
بعد ما استيقظ الجميع وحضرت خالدة مع طفلها تامر وزوجها صلاح وتجمع الجميع في الصالة لتي كان ينام فيها وليد وخالد وسوسن مع امهم .. وتحدث بينهم الضجة ويحضر الجد الذي كان ينام في الصالون مع ضيوف من عمره ويتجمع الجميع بعد ان طار النوم ويتحلقون حول الجد يسالونه ويبدا وليد الأصغر بالسؤال ..
وليد : صحي يا جدو زمان قالوا الارض كانت خضراء والاكسجين موجود في الهواء الطلق على قفا من يشيل والناس والحيوانات كانوا يتنفسوا عادي والحيوانات لافة في الشوارع ما مقفولة في كبسولات ..
تكمل سوسن : حتى الزرع قالوا كان لونه اخضر وهو كان يصنع الاكسجين بتحليل الماء بعد ما تتعرض الاوراق لاشعة الشمس زي ما قالت لينا مدرسة التاريخ العلمي ..
الام : براحة على جدكم شنو ردمتوه بالأسئلة كدا واحدة واحدة .. يلا يا ابوي احكي لينا ..
الجد : فعلا كلامكم دا كله صح وانا كمان سمعتو من جدي وقالوا قبل مائتين سنة انه الاكسجين كان متاح كدا .. تصوروا عندنا هنا في السودان كان الناس تطلع سرائرها وتنام في الحوش هنا بلا غطا ولا اسطوانات اكسجين ولا أي شئ ..
وليد : معقولة يا جدوا العملية كانت بالسهولة دي ... طيب وين راح النعيم والاكسجين دا كله ..
الجد : قالوا لنا اجدادنا ومدرسنا انه ربنا كان عامل حماية للأرض من الغازات الخارجية بطبقة من الغازات مرتبطة مع الارض بالجاذبية الارضية اسمها طبقة الاوذون .. وهي تتكون من الغازات الضرورية للحياة في الارض ومن ضمنها الاكسجين وكان يشكل خمس الطبقة ولانه كان الاثقل هو كان موجود في الجزء الاسفل منها ... والاكسجين هو ايضا ضروري للطاقة والاحتراق .. ماكان ممكن تولع أي نار او شعله من غير اكسجين ..
لكن قام علماء الغرب بعد معافرات كثيرة في الارض وفي كون بدون أي دراسات شوهوا اولا طبقة الاوزون وحصل فيها ثقوب جعلت الحرارة والغازات الخارجية تتسرب للارض وتزيد من حرارتها .. وما اكتفوا بكدا اصروا انه يصنعوا قنبلة نووية وانهم يخترقوا ويفجروا نواة الكرة الارضية .. وفعلا حدثت الطامة الكبرى لانه نواة الكرة الارضية مخزن فيها طاقة هائلة متراكمة عبر السنين وخرجت هذه الطاقة عبر الثقب الذي فعلوه في نواة الكرة الارضية وحرقت كل الاكسجين الموجود في الغلاف الجوي ... لكن لانه عملية الاحتراق كانت بطيئة وتمت عبر سنوات الا انه الناس استطاعت انه تبدا في عملية تخزين كميات معقولة من الاكسجين في اسطوانات قبل ما ينفذ .. ويموت معظم الزرع والحيوانات .. وتبدا حياتنا القبيحة بشكلها الحالي كبسولات ودنيا يغلب عليها اللون الرمادي والاغبش ..وأصبح من سهولة كل يوم تجد في الشارع ناس ميتين اما لانه اسطواناتهم سرقت منهم او قطعوا غاز في الطريق ..

الطيب الحل ؟ نحن حياتنا مهددة بالخطر في اي لحظة ممكن تكون ماشي في الشارع ويجي واحد من عصابة المواتر يخطف منك الاسطوانة وتروح فيها ..

مافي حل يا اولادي غير تبقوا عشرة على نفسكم  ...

البضيع نفسوا بضيع نفسوا 

سلام

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق