السبت، 9 نوفمبر 2013

لزام التقيلة

نسبة لتعليمه المميز وتفوقه على اقرانه في القرية استأذن الخزين والده الغني في نقل جزؤ من عمله وتجارته الى العاصمة لان حياة القرية ما عادت تستهويه ..
وافق الاب مؤمنا الى حوجتهم لممثل لهم في العاصمة يتابع اعمالهم ..
وفعلا انتقل الى العاصمة واشترى بيتا واسعا في احد احيائها الطرفية ..
واشتهر البيت عند اهل القرية ببيت ود العمدة في الحرتوم..
اصبح بيته بيت ضيفان كما كان بيت والده في القرية تماما 
اكتظ عنده الضيوف من الوافدين الى القرية من متابعي العلاج وطلاب الجامعات .. بل اصبح بيته اشبه بمحطة تغيير للطلاب من ابناء قريته ..
هنا كان سغيدا بكل هذا الزخم .. وخاصة ان والده كان يدعمه بلواري محملة بشوالات الزرة والتموينات ,,
توفى الوالد
ساءت حالة الحواشات الزراعية كما حال الزراعة في السودان وقل دعم القرية حتى توقف تماما ..
لم يبقى له سوى تجارته التموينية في السوق العربي ..
لكن اهل القرية لم يحسوا بهذا التغيير عنده لان الطناجر والتنانير لازالت تقدم خيراتها في بيته حتى ولو على حساب رأسماله ..
ساندته زوجته فاطمة وهي بنت عمه لم يكن غريبا عندها خدمة الضيوف ..
في الاول كانت مدعومة بعدد لابأس به من الشغالات .. عندما كان الحال زين ..
فكانت تحلف على الضيفات بالا يقدمن اي مساعدة بل يتمددن مستريحات في الصالات على السرر المفروشة .. في انتظار الخدمات ..
عندما ضاق الحال وتم صرف الخدامات .. اصبحت هي وحدها في خدمة ضيفاتها ..
اللاتي بتن لا يستحين من الطلبات كانهن في فندق لا حصر لعدد نجومه يقدم خدمات مجانية ...
(
عليك الله يا فاطنة بتي اخدي لي توبي دا شطفة في الغسالة عندي مواعيد مع الدكتور )
-
لكن يا خالة الكهربا قاطعة ..
(
نان مالوا كان بليتيه لي في الطشت انا بقوم بشفطه )
لآ خلاص خليه انا بغسله ليك ..
وهكذا دواليك ودواليب ..
يعود الخزين من عمله عصرا لوجبة الغداء
يجد ضيوفا جدد في الديوان مع بقاء القدامى كما هم ..
يرحب بهم يسألهم عن حالهم ... يشكون له له الفاقة ملمحين في انهم يتعشمون في اكثر من مجرد ضيافة منه ..
يسأل الله لهم الرحمة والفرج من الله دون ان يفصح او حتى يلمح الى ان صرفه هو دخل في اللحم الحي اي رأس المال .. وبدأ يبيع جزؤ من املاكه ليطعم هؤلاء الضيوف مرة قطعة ارض ومرة دكان في الشجرة وتارة كشك في الفرع ..
لم يشكو لاحد بل ظل هاشا باشا ..
كثيرا ما نام في الكنبة بالصالون عندما تبلغ الزروة زروتها ..
يستعجل ام العيال في طعام الغداء ..كان يذبح خروفا كل يومين تقلص حتى اصبح اسبوعيا ليكتفي الى كيلوا لحمة يوميا يرسل له الجزار ويقيد في الكراسة ..
في لحظات تناول الوجبات يدور حوارا كثيرا للضيوف حول غلاء المعيشة وانه دخلهم اصبح لا يغطي الشهر ... 
والعلاج والمرض يحدث فجوات في ميزانياتهم وجروح لا تندمل 
حتى الفكي في القرية رفع سعره عندما وجد نفسه تحول الى بديل استراتيجي ..
رغما عن ذلك كان الخزين سعيدا اذ لازالت جينات الخير عنده فعالة ..
وكثيرا ما هدأ زوجته الشاكية الباكية التي قالت انها كبرت قبل يومها في خدمة عدد من الناس لاحصر لهم ..
اللوري يغيب زائرا والقرية ترسل الف زائر ..
كثيرا ما قال لها كله برزقه وثوابه 
فهو يعزي نفسه قبلها 
الى ان يوم بعد ان عشى ضيوفه فطيرا باللبن واستوى كل الضيوف على اسرتهم بل حتى على الكنب والسجاد
اذ كان في ذلك اليوم زروة الزروة ..
وقف في الباب الفاصل بين الحوشين يهمس لزوجته مزهوا بهؤلاء الضيوف الذين رموا انفسهم على الاسرة مستمتعين بنسيم الليل والفطير واللبن وبطونهم الممتلئة .. يقول لزوجته بكل فخر تتصوري يا فاطمة ما لاقي مكان انام فيه ..
تقول له : تسلم يا عشاي خليني اروح المخزن اجيب لك شوال السكر الفاضي تنام فيه ..
تغير وجهه كانه لسعته عقرب او ادخل يده في علبة الكهرباء بالخطأ ..
-
تعالي قلتي تجيبي شنو ؟؟
-
قالت قلت لك شوال السكر الفاضي ..
-
شوال السكر ؟؟؟ هو كمل .؟؟؟ الجبناه قبل يومين ؟؟ الخمسين كيلو ؟؟
وبدأ صوته يعلوا رويدا رويدا لدرجة جعلت بعض الضيوف يتململون ..
لولا لحقت به فاطمة واضعة كفها في فمه قائلة :
هسس
الضيوف ما يصحو ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق