السبت، 2 نوفمبر 2013

سطوة الخوف

وقف حاتم في باب الشارع وصرخ بصوت عالي مناديا اخيه خالد 
- الحق يا خالد يا خالد

- خالد مفزوعا في شنو يا ولد خلعتنا طيرت قلبنا

- حاتم : تعا ل شوف الناس كلهم جارين في اتجاه واحد ومزعورين يبدو انه توجد كارثة ستظهر خلف الناس المفذوعه دي .

- خالد : اسالهم هم جارين مالهم

- حاتم باعلى صوته ... انت يا خي لو سمحت شنو الحاصل مالكم جارين ؟

بعض الناس يلتفت والبعض الاخر لا يعيرهم اهتماما وهم مواصلين في جريهم .. والغريبة كل الناس تجري بمختلف اعمارهم ولا تسمع الا همهمات النفس والفذع ... وبمختلف الاعمار اطفال وكبار ونساء ورجال وكلهم يبدو عليهم الخوف ولكن لا يصدر منهم اي صوت حديث او صراخ ..
حاتم : خالد ياخوي انا ساجري مع الناس افضل قبل ما نلاقي روحنا وجه لوجه مع المصيبة الجاية .
خالد : انا ما بجري قبل ما اعرف السبب المخوف هؤلاء .
حاتم : ممكن نستفسر ونحن جارين لانه لو انتظرت يمكن حاتعرف في وقت متاخر وما تكون في فرصة للجري تعال نجري احسن ..
خالد : طيب البيت نسيبه مفتح وبعدين امي وابوي يرجعوا من الاجازة يعاقبونا لو اتسرق ..
حاتم : يا اخوي بيت شنو واغراض شنو انت شايف حد هنا يحمل شئ ما الناس سايبها كل دنياهم وراهم وجارين ينجو بارواحهم وشوف انت العدد في تزايد حتى يبدو الناس قي القرى الحدودية بداوا يظهروا .. احتمال يكون في جيش زاحف من الدول المجاورة وشغال ابادة جماعية احسن نجري انا غايتو جاري انت بطريقتك ..
خالد : لا لالا لا انتظرني البس جزمتي لانه بالشبشب ما راح اقدر اجري .
حاتم : ياخي انت جاري في الاولمبياد اقول لك المسالة حياة او موت تقول لي عاوز تلبس جزمة وشراب وما بعيد تكون عاوز تتسرح وتتعطر على كل حال مع السلامة انا جاري مع الجماعة ديل ..
خالد : طيب بس نجر باب الشارع ونقفله ..
وفعلا التزم الشابين صف الناس الجارية واثناء الجري بداوا يستفسرون من الناس حولهم ..
- يا عمنا انت ياعمنا انتو جارين مالكم في شنو ؟؟؟

- ياحاجة انت يا حاجة جارية مالك ممكن نعرف نحن ممكن نساعدك

- يا اخت يا اخينا ممكن تورونا انتو جارين خايفين من شنو ؟؟

- يا ناس ياعالم وباعلى صوت 

كل الناس كانت تنظر لهم باستغراب وتواصل في جريها اكثر شخص تجاوب معهما هو من هز راسه يسارا ويمين وهو مواصلا في جريه .
بدات الانفاس تهلث والعرق يتصبب والعطش يتسلل الى الاجواف والشفاه تجف حاتم يا خالد انا عطشت ما في طريقه نقف نشرب ؟؟
خالد : ما تقيف وتشرب انت حا تستاذن كمان؟؟؟ .. بس انا ما واقف معاك .. 
حاتم : طيب لو وقفت حااشرب من وين ..
خالد : عاين يسار ويمين يمكن يكون في زير سبيل ..
حاتم : فعلا هو ذاك زير ماء انا جاري ناحيته 
خالد : ارح نجري ناحيته 
امراه كبيره هي فقط من تحدثت : يا اولادي خذوا القارورة دي املوها لي معاكم خالد : لكن هي مليانة يا حاجة ..
الحاجة : دي موية حارة دفقوها واملوها موية باردة ..
كل هذا الحوار دار اثناء الجري .
حاتم : نحن بدل ما ندفقها نشرب الفيها اولا وبعدين نملاها ليك موية باردة ..
وفعلا يبدا يشرب ما بالقارورة ..
ويقاطعه خالد : انت راح تشرب الماء الحار وما تنتظر السبيل ..
حاتم : انت بليد من ضمنك انه السبيل فيه موية في الظروف دي ..
خالد : معاك حق ما تكملها ممكن اشرب معك ؟ .
طبعا بعد ما كمل الاخوين قارورة الماء ذهبوا الى السيبل وكما كان متوقعا قد كان حارا وجافا وفي حاجة لقطرة ماء يبل بها نفسه .. 
انكسف الاخوين وقال خالد لحاتم كيف حنرجع القارورة فاضية للحاجه ..
رد حاتم : ياخي هي تستاهل لانها طماعة عندها موية تقول دفقوها عايزة موية باردة هي فاكرة روحها جارية في الهيلتون .. يلا ارح نواصل انساها ولو لاقانا سبيل تاني نرجع ليها .
وفعلا واصل الاخوين الجري دون ان يعرفوا سر هلع الناس الجارية حتى الان وعادوا لاسئلة الناس دون اي جديد . لا احد يريد ان يفك سر هذا الهلع والخوف ... الا ان لاحظ الاخوين ان هناك شاب يجري بخط مايل كانه يريد ان يقترب منهما او يتحدث اليهما .. وفعلا لاحظ له خالد ولفت نظر حاتم 
خالد : شوف يا حاتم الشاب دا الظاهر عليه عنده معلومات جديدة ..
وفعلا اقترب منهما الشاب وهو جاري في محازاتهما وبنفس لا هث ايضا
الشاب : السلام عليكم يا شباب اخوكم عمر مدرس ابتدائي 
خالد : مرحبا يا عمر 
عمر : ممكن اسالكم سؤال
حاتم : اتفضل يا استاذ .
عمر : انتو جارين مالكم ؟؟
خالد : نحن من قبيل نلاحظ لك جايي علينا ومتشوقين تصل عشان نسالك انت نفس السؤال انت جاري مالك؟
عمر : بصراحة انا الصباح قمت من النوم دخلت الحمام عشان اتسوك اكتشفت انه الموية قاطعة مليت الجك من الزير وخرجت الشارع عشان اتسوك .. فجاة شفت الناس جارين ومزعورين واي حد اساله رافض يرد واخيرا انا نفسي خفت ورميت الفرشة والجك وجريت معاهم ماشيفين انا لسع لابس بيجامة النوم ؟؟
حاتم : يعني نحن احسن منك على الاقل قلعنا البيجامات ولبسنا بناطلينا قبل ما نبدا الجري ..
تقترب من الثلاثي امراه كبيرة وتسال 
- يا اولادي هو الشي دا قالوا ظهر ولا لسع؟؟
هنا شعر الثلاثي بان اللغز كاد ان يحل . 
خالد وبسرعة .... الشي هو شنو ياحاجة .
الحاجة : الشئ المخوف الناس ديل وقاطع قلبهم ..
حاتم : ايوه ياحاجة بس هو شنو نحن ما عارفنه ..
الحجة : اجي يا اولادي ومال انتو جارين مالكم مادام ماعارفنه ..
عمر : يا حاجة ما تبوظي اعصابنا كفانا ما بنا وقولي لينا انت هو شنو الشئ المخوفك ؟؟؟
الحجة : بري يا اولادي انا قمت الصباح فتحت باب بيتي عشان امرق الغنم للشارع وشفت الناس جارين قدر ما سالت مافي حد جاوب لي . قلت في كم اخير اجري اخارج روحي وانا مراه كبيرة ووحدانية ما في زول معاي اها وديك يا جرية ..
حاتم : وطيب من قبيل ما تقولي ما عارفه تلفي وتدوري وتمتحني فينا ونحن ناقصنك .؟.
عمر : عاينو يا شباب الراجل ابو عمه كبيرة دا انا شكله ما غريب علي والغريبة جراي جري ما بنسبة حجمه ..
خالد : معقولة ما عرفته يا استاذ عمر دا ما الفنان الشعبي المشهور ..
حاتم : دا مش البيغني يقول ( الجري دا ما حقي حقي المشنقة والمدفع اب ثكلي).
عمر : ياهو ذاتو 
حاتم : ومال الجري العليه شنو حتى فاتنا نحن الرياضين ولاعبين الكورة .
خالد : يازول ها وقت الحارة دي مش تنسى الغنى ابوك ذاته تنساه .. خلونا في جرينا ما تضيعوا طاقتنا في الكلام ....

لم يتغير شئ سوى ازداد عدد المتساقطين من التعب والارهاق ولم تبقى رحمة في قلب احد حتى يقف ويسعف آخرا .. كل شخص مشغول بنفسه وعندما يمر الجمع بزير سبيل او مصدر ماء من حنفيات وغيره يقف من يقف ليتناول جرعات ماء ثم يواصل الجري الامهات والاباء يتبادلون حمل الاطفال الصغار .. هم فقط من بقت في قلوبهم رحمة والا كانوا رموا كل احمالهم وتفرغوا لحمل انفسهم فقط ..
بدات المدينة تختفي وظهرت الغابة التي تفصل المدينة عن البحر .... حاول الجميع ان يرخوا وفعلا بدا بعضهم يتوقف ماسكا صدره ومحاولا حبس انفاسه التي هي في صعود وهبوط ... وقفوا في مساحة شاسعة خالية من المباني تفصل المدينة عن الغابة المجاورة والكل ينظر في الافق ناحية المدينة التي تركوها خلفهم .... مدققين النظر كانوا يترقبون شئ سيخرج عبر الشوارع والزقاقات التي عبروا منها .. ارتخى الجميع بل بعضهم جلس في الارض وكادوا يستسلموا ويظلوا في مكانهم وخاصة عندما اوشكت الشمس على المغيب لولا فجاة ... سمع صوت انفجار اعقبه دخان كثيف ولهب في طرف المدينة المعاكس لموقعهم ...مما انذر باقتراب الشئ الذي يخيفهم .. ليهب الجميع في فزع ويبدا الجري من جديد ناحية الغابة .. في هذه المره زاد الزعر واصبح الناس يجرون وهم يلتفتون ناحية الحريق والدخان الذي وصل عنان السماء ..
دخلوا الغابة جميعهم وهم مواصلين في الجري بين الاشجار .. وبعد حادثة الحريق والانفجار لم يفكر احد في التوقف هذه المره .. بل استمروا في الجري حتى من كانت خطواته بطيئة واصبح يمشي فقط قبل صوت الانفجار عاد للجري ودب فيه النشاط من جديد ..
ثلاثي الاصدقاء عمر وخالد وحاتم لانهم من الشباب الاقوياء كانوا في مقدمة الجارين .. ظل الجمع يجري طيلة الليل داخل الغابة .. والظلام كان يعكس لهم اثر الحريق والذي يبدو انه التهم كل بيوت القش التي هي في الطرف الاخر من المدينة . 
مع بذوق الفجر لاح لهم طرف الغابة وبدا يظهر لمعان ماء البحر والساحل الرملي الذي يفصل الغابة عن البحر .. عرف الجميع ان البحر هو نهايتهم مهما كان هذا الشئ الذي يطاردهم هم وصلوا لاقصى حد من الهروب يقدرون عليه .. وبداوا فعلا يقفون اول ما وصلوا رمال الساحل بل بعضهم سقط في اعياء شديد راقدا على الرمل .. وفعلا بدا الناس يتجمعون على الساحل في الرمال وهم عينهم على الغابة ... حتى تجمع الكل على الرمل .. وهم ينظرون ناحية الغابة مستسلمين في انتظار من يتعقبهم ...
بعد ان اخذوا انفاسهم قام ثلاثي الاصدقاء في حملة استجواب على الناس جميعا وخاصة بعد ان تم جلوسهم في هذا المكان لاكثر من ثلاث ساعات دون ان يظهر شئ يلاحقهم و ليعروفوا ما هو هذا الشئ الذي يهربون منه ولاجله تركوا ديارهم واغراضهم .. ولكن كل من مروا عليه اجاب نفسهم اجوبتهم بانه خرج في الشارع وشاف الناس تجري مزعورة ولا تجبه فجرى هو ايضا خائفا .. وهكذا بداوا يلفون ويسالون جميع الناس .. حتى يئسوا الا انه وجدوا شلة من الشباب يجلسون في الطرف هم فقط من تبقوا من الاستجواب .. ورغما عن انهم كانوا يتوقعون نفس الردود الا انهم ذهبوا اليهم كنوع من اراحة الضمير .. الا ان الاجابة اختلفت هذه المره اذا كان يجلس اخوين مع بعض ويبدوا عليهم ذلك من شدة الشبه بينهم ...
ذهب اليهم خالد في الاول .
خالد : السلام عليكم ياشباب 
الشابين : وعليكم السلام والرحمة
خالد : لو سمحتوا نحن عندنا استجواب بسيط سالنا كل الناس من اول مره بديتو تجروا كان السبب شنو ...
الاخوين :: نحن اولا توام واسامينا سامر وتامر . ونحن ساكنين في حي الري في طرف المدينة من الناحية الثانية . يلا يا سامر ابدا القصة ..
سامر : اصلوا انا كنت عارف انه تامر اخوي دا بيخاف من الضب شديد لكن ما كنت قايل لدرجة الرعب ... اها زي الصباح كدا هو جالس في الشارع يلبس في جزمة الكورة عنده تمرين صباحي واصحابه منتظرين ومتجمهرين في ميدان الكورة ... انا قمت قبضت لي ضب صغير ولفيته في ورقه .. وسامر جالس قدام البيت قدمت ليه الورقه .. هو اول ما فتحها عيونه جحظت واصبح شكله مخيف جدا وجري شديد ناحية الميدان .. اصحابه في الميدان كانوا ينتظرونه لكن شافوه جاري عليهم مفزوع بداوا يسالوا فيه تامر في شنو هو مارد وواصل في الجري هم كمان خافوا لانه افتكروا اكيد الشئ الذي خوف تامر لهذه الدرجة شئ خطير جدا .. وانطلقوا يجرون ناحية وسط البلد ... انا جريت ورا تامر عشان اهديه واعتذر ليه .. هو فكرنيلازلت احمل الضب وجرى مني مزعورا اكثر واصحابه كلما شافوه مزعور خافوا وزادوا في الجري .. واصبح اي شخص يفتح البيت ويلاقينا جارين يسال .. وعندما لايجد رد يجري هو ايضا معنا .. وبعدقليل لاحظنا الابواب تفتح والناس في زيادة ونحن ا نفسنا افتكرنا انه الموضوع اكبر من ضب اكي ديوجد شئ آخر افظع صادف وجود الضب لانه شفنا الناس ساقطين في الشوارع بعضهم فاقد للوعي ولذلك كنا خائفين ... لكن عندما تمينا ثلاثة ساعات ولم يظهر شئ عرفنا انه البداية هي السبب هو الضب ما في غيره .. وحقيقة نحن حتى ما عارفين كيف نتاسف ونعتذر لاهل البلد كيف ..
حاتم : تتاسفوا ؟؟ يعني مدينة كاملة جارية اثناشر ساعة وهم ساكيهم ضب وما عارفين..
خالد : طيب الحريق والانفجار والدخان ..
تامر : اكيد الناس جرت وتركوا البوتجازات فاتحة لذلك انفجرت الاسطوانات وقامت الحرائق ..
استاذ عمر :: تبرير معقول ومنطقي ... بس السؤال هو كيف نقنع هؤلاء الناس ونرجعهم بيوتهم مره ثانية ..
خالد ما في حل غير انه نحن نتشجع نرجع المدينة ولو طلع الكلام زي ما وصفه الشباب نحمل معنا قوارير ماء وبطاطين للناس هنا اكيد حا يقتنعوا انه ما في خطر بعد ذلك يعودا ..
ويقول التوام نحن كمان معكم يمكن نقدر نكفر عن غلكتنا هذه وتنوب من الهزار .
وفعلا يعود الشباب الى المدينة ولا يجدوا شيئا سوى حادثة الضب التي نقلت الزعر من فرد الى فرد .. ويقتنع اهل المدينة ويعودوا الى ديارهم فرحين بسلامتهم بعد ان ايقنوا ان نهايتهم لن تكن في قاع البحر غرقا او تحت انياب المجهول المرعب .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق