السبت، 2 نوفمبر 2013

مصيدة التشرد

       خالد ومصطفى طفلين بريئين نشأا في مدينة السوكي على ضفاف النيل الازرق في اسرة فقيرة ومعدومة . خالد الاكبر وعمره تسع سنوات ومصطفى عمره سبع سنوات . هما من المفترض في اول السلم التعليمي. 
امهما اعتادت ان تبيع الشاي في محطة القطار لتوفر لهما ثمن اللقمة الرخيصة التي تسد الرمق وتغنى عن الجوع فقط . الاب سكير وعربيد اعتاد ان ياتي كل يوم الى البيت مساءا ويحيله الى جحيم على ما فيه من تعاسة وفقر . لا الام تسلم من يديه ولا الولدين البريئين . وجه الام دوما تزينه الكدمات واللكمات دون سائر النساء . الام يضربها لياخذ منها حصاد يومها ثمنا لشربه وعربدته اما الولدين فيضربهما لسببين متناقضين تماما عندما يكون واعى يضربهما لعدم ذهابهما للمدرسة . وعندما يذهبا للمدرسة ثاني يوم يعيد ضربهما لذهابهما للمدرسة ويسمع الجيران هذا الحوار مع الطفلين ( تمشوا المدرسة وامكم دي اليساعده منو اليجمع ليها الكبابي منو . وبعدين نحن عندنا ليكم مصاريف اقعدوا اشتغلوا بلا قراية بلا كلام فارغ ) هذا عندما يكون سكرانا. 
هذا الجحيم الذي يعيشه الطفلان جعلهما يجران ساقيهما جرا عند العوده الى البيت في كل مره ويتمنون ان المسافه بينهما وبين البيت لاتنتهي ابدا . وفي مره من المرات وهما عائدين من المدرسة وصلا محطة القطار للذهاب لمساعدة امهما . مرا بجوار القطار وضجيج المحطة الذي اعتادا عليه وخليط اصوات الباعه مع المودعين والمسافرين . فجاه سمعا صوت رجل يصرخ فيهما اركبوا يااولاد القطر ما يفوتكم . كانما صرخته هذه كانت وحي نزل من السماء ودونما تفكير اخذ خالد يد اخيه الصغير وجره راكبا في القطار . والصغير يصرخ يا خالد نحن ماشين وين يا خالد ابوي حا يضربنا . القمه خالد بعباره واحده اصلا هو حايضربنا حايضربنا . ولحظات كان الاثنان ضمن ركاب الدرجة الرابعه المزدحمة والتي تختلط فيها الاسر مع بعضها البعض . وفعلا بدأ القطار يتحرك ببطأ كعادته ويطوى الارض ببطأ بل كانه يدخل بهما دنيا جديده .وتدريجيا بدا القطار يزيد في السرعة وجلس الصغيران على الارض وبدءا يعتادا على هذة القطار . رقد الصغير مصطفى على فخذ اخيه وبدا ينام بعد ان الف المكان واطمئن له وخاصة بعد مرور اكثر من ساعة لم ينهره احد او يضربه كالمعتاد . .

 نام الولدان كما لم يناما من قبل وتحس بان تعب سنين بدأ يتبخر من هذين الجمسين النحيلين .وفجاه بدأ يهدأ القطار وصوت صرير العجلات ايقظ الطفلين وهبا من نومهما فزعين وبدأ ضجيج المحطة. في الاول افتكر الطفلان ان القطار رجع بهما لذلك قاما مفزوعان وهما يتوقعان دخول ابوهما وهو يحمل سوطه المعتاد وركزا نظرهما على باب العربه لكن هدأ بالهما عندما سمعا ان احد الركاب يتحدث عن وصولهما محطة الدندر  . 
(خالد حننزل هنا ؟...لا يامصطفى دي محطة قريبة يمكن ابوي يجينا فيها ) دار هذا الحوار بين الطفلين وبدأ ضجيج الباعة مخلوطا برائحة الطعام ( طعمية وبيض طعمية وبيض طعمية وبيض .... سمك سمك سمك ) رغيف رغيف رغيف الرغيف الحار الرغيف الحار )
 هذا المزيج الفريد من الاصوات والروائح خلق تناغم نادر بين الصوت والرائحة  . جاع الولدان واصوات الباعة مع روائح الطعام اصبحت كالسياط تلهب اجسادهم المنهكة اصلا وبدات تتقاطر الدمعات من عينيهما . امراه طيبه كبيره في السن انتبهت لهذا المشهد وقارنتهما  بباقي الاطفال الذين هم في جدال مع الباعه ومع ذويهم يشترون في انواع الماكولات وهذان الطفلان البريئان محرومان. وقامت المراه بدس مبلغا من المال ودسته في يد خالد ،وبسرعه هب خالد الى صاحب الطعمية والبيض وكذلك طلب راعي الرغيف الحار وبدأوا ياكلون وبدات اسارير الصغير واضحة وهو واخوه يستمتعون باكله نادرا ما يحصلوا عليها رغما ان معظم وقتهم كانو يقضونه في محطة القطار . وشعرت المراه بنظرا ت الامتنان والقبطة في عيني الصغيرين . وحاولت ان تدخل معاهما في حوار ( ياولد امكم ما معاكم ؟؟؟ واكتفى خالد بهز راسه نافيا طيب هي وين؟؟؟ سكت لم يجاوب ... طيب ابوكم ...?? ايضا سكت ... حقيقة خالد كان حريصا الا يدخل في حوار طويل مع احد حتى لايطلع من الاقارب ويجرهم الى الجحيم مره ثانية. 
واستمر الحال كذلك في كل مره يدخل القطار محطة ويطلب مصطفى من خالد النزول ويرفض خالد بحجة انها قريبة من ابوه ... واستمر الحال كذلك حتى دخل القطار الخرطوم بحري المحطة الاخيرة حيث لابد من النزول وحيث بدات رحلة المجهول والضياع 
نزل الولدان وطبعا لايحملان اي متاعا ولازالا يرتديان لبس المدرسه ودخلوا في غابه ضخمه من العمارات الاسمنتيه لم يعتادوا مشاهدتها حاولو ان يرجعوا واكتشفوا ان القطار ليس كالمواصلات بل شعاره الرسمي ( ماراجعين) . الى اين يذهبون ومن اين يبداون المهم كل علامات الاستفهام تركت كل شئ في الدنيا وجاءت تدور حول هذين البريئين . ليجدوا خطواتهم بعد ذلك تقودهم في اتجاه شلة من اندادهم الذين لا مرافقين لهم . وبابتسامه مشجعه من هؤلاء يجدوا انفسهم ينضمون الى عالم المشردين. .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق