فدوى
في
احدى احياء الموظفين وهي المجمعات السكنية المنتشره في السودان والتي تخص كثير من
المصالح الحكومية ... هذه المجمعات شكلت تجمعات مميزة لكثير من السودانيين الذي
تربوا ونشاوا في هذه المجمعات والتي عرفت باحياء الموظفين او القشلاق في حالة
المجمعات العسكرية .
فدوى
بنت احد هؤلاء الموظفين نشات تتوسط اخوتها الست .. ولانها البنت الوحيدة .. هذا
الوضع جعلها مدللة من والديها ومتسلطة على اخوتها .. كما ان وجودها وسط اخوتها شكل لها ميزة اخرى في الحي اذا اصبحت
مهابة ومحمية من اخوتها ضد ابناء الحي ... هذا بالاضافة الا ان وجودها وسط اولاد
جعلها تميل نحو لعب الاولاد .. كلعب كرة القدم وكذلك قيادة الدراجات .. بل كانت
تدخل في عراك مع ابناء الحي وتخرج منتصرة دائما .. مما جعلها مرعبة ومهابة من جميع
الابناء في سنها .
ولكن فدوى رغما عن تلك القساوة والشقاوة التي وصمت بها الا انها كانت جميلة جدا لم تفلح اثار العراك التي تخوضها في تغطية ذلك الجمال او تشوهه .. حتما لم يكن يجرؤ احد ان يتطرق لهذا الجمال .. وعندما قاربت فدوى من سن الثانية عشر بدات ملامح الانوثه تقترب منها الا انها لم تكترث واصلت في ركوب الدراجة ولعب الكره وضرب الاولاد اذا لزم الامر ...
اصبحت لفدوى حاشية خاصة بها من غير اخوتها .. كذلك اصبح لفدوى رفقاء من الصغار يتفذون تعليماتها وينقلون لها الاخبار. في يوم ما جاءها احد افراد الحاشية وهمس في اذنها قائلا لها_ ( عصام ابن المدير العام قال يحبك ) .. جن جنونها انتفضت فدوى غاضبة وهائجة وتناولت عكازها
وذهبت متوجهة ناحية بيت ال عصام وفتحت الباب ودخلت يتبعها الجميع من اتباعها .. ووجدت عصام جالسا في المطبخ قرب امه وسالته .
فدوى :صحي انت قلت قدام الاولاد انك بتحبني ؟
عصام مبتسما وواثقا في نفسه : بحبك وبموت فيك كمان ..
قالت فدوى : من ناحية تموت اصلا راح تموت ... ورفعت العصا وانزلتها على أم رأس عصام ..... وخرجت دون اكتراث لصرخات عصام وامه والدم الذي تفجر ....
وحتى العقوبة التي تلقتها فدوى بعد ذلك من اهلها لم تثنيها وقالت لو كرر العباره ثانية لضربته بالعصا ...
اتصلت ام عصام بوالده وعاد مسرعا من المصلحة وتم اسعافه .... ولكنه اصبح يحمل وسم فدوى في جبهته ... واطلق عليه ابناء الحي عصام ابو فلقه ..
هذا الوضع اصبح عقده لعصام مما منعه من الخروج الى الشارع وظل ماكثا في بيته حتى لا يعايره زملاؤه ... خاف والدي عصام على نفسيات ابنهم مماحدى بالاب ان يطلب نقله الى مدينة اخرى ...
نشات فدوى على هذا الحال تتصدر قصتها مع عصام مجالس الحي ومكاتب المصلحة ... بعضهم معجبا بنخوتها والاخر متحسرا بعبارة من نوع ( زي دي منو البعرسها تاني ) .. تضايق والد فدوى من هذه التعليقات وكثيرا ما حاول أن يخاطب إبنته ويذكرها بانها انثى ولا بد يوم ما ان تتزوج وتحب وتنجب .. ويجب ان تخلع عنها ثوب الرجال .. ولكن دون جدوى ...
مرت حزمة من السنوات كبرت فدوى واصبحت انثى مكتملة والتحقت بالجامعة .. ولكن لم يتغير شئ سوى انها تركت لعب الكره وركوب الدراجة والاختلاط مع الاولاد .. واصبح لها صديقات ولكن ايضا تحت سيطرتها ...
لازالت تتبعها لعنة حادثة عصام ... اذ انه لم يجرؤ اي شاب باعلان حبه لها رغما عن ان جمالها اصبح صارخا ... ولان الامر لم يقف عند حادثة عصام اذ تكرر خناقها مع كثير من الشباب حاولوا مغازلتها وخاصة في المناسبات والاعراس .
الا ان كان يوم وهي في كافتريا الجامعة لاحظت انه شاب يجلس في طرف الكافتريا ولم يغمض عينه عنها لحظة ... وهي حاولت أن تتجاهله ولكن شعرت ان نظراته تكاد تخترق ظهرها لتلتفت وتجد انه لم يكسر عينه عنها .. تضايقت جدا وشعرت ان الدم كاد يغلي في عروقها .. وخاصة بعد ان لاحظ زميلاتها نظرات الشاب وعلقوا عليه .. وهي كانت تتمنى لو كان هذا المنظر خارج الكافتريا لارته يوما اسودا في حياته .. ولكن هي كانت حريصة الا تلوث سمعتها في الجامعة ايضا يكفي عقدة الحي ..
اخيرا فكرت في انها تخرج متهادية من الكافتريا فيتبعها الشاب وتلتفت عليه وترسم له خارطة العالم على وجهه حتى يتادب ..
وفعلا نفذت وخرجت تتهادى في مشيتها ... فهم الشاب انها تريده ان يتبعها ... ومشت الا ان وجدت شجره بعيده عن الكفتريا ووقفت .. اول ما اقترب منها الشاب
وبدا الشاب بالحديث قائلا : ممكن نتعرف يا جميل ..
التفتت فدوى رافعة يدها لتصفعه .. ولكن وجدته ينظر الى يدها ويبتسم ... لتتفاجا هو بانه عصام ابو فلقه الشخص الذي لا زال يحمل وسمها ....وظلت يدها مرفوعة وفمها مفتوحا من الدهشة ..
عصام :: عايزه تكرريها تاني ... تعرفي لو فلقتيني مية مره حا ارجع واقول بحبك ..
فدوى صمتت وشعرت بان يدها اصابها الشلل ... بل ان جسمها امتلا بالنمل الذي يجري في كل اتجاه .. كما شعرت فدوى لاول مره بان الرجل الذي يسكن جسدها نزل وولى هاربا .. لتحل محله الانثى المكبوته ... ولتجد نفسها مطاطئة الراس لاول مره امام رجل .. واي رجل الرجل الذي اعلن عليها الحب قبل عشر سنوات وهما اطفال .. لتحفر رد فعلها في راسه وهاهو يعود ليكررها ثانية .. شخص لم تنساه ابدا بل كلما خلت الى نفسها كانت تندم وتتحسر على هذه الحادثة لكن لم تعلن ندمها قط لاحد ولا عرفت كيف ستصلح ذلك الخطا ...
عصام : يعني لا ضربتيني ثانية ولا نطقتي حانفضل كدا واقفين ..
حاولت فدوى ان تنطق ولكن لم تستطع لانها سبقتها الدموع التي انهمرت في صمت لتغسل تلك الفتره من عمرها .. دموع ظلت تحبسها سنين طويلة تشبها بالرجال .. لكنها اليوم لم تعد تتسيطر عليها ... بعد ان خفت حدة النحيب والبكاء حاولت ان تتحدث فخرجت منها الحروف بعبرات مخنوقة ومتقطعة وقالت لعصام معقولة لسع تحبني بعد الجاك مني ...
رد هو مستعينا باغنية :
الجاني منك ومن تباريح الهوى وصفه بصعب يا جميل
تعبت منك ولما طال بي النوى بقى لي اسيبك مستحيل
واكمل الاغنية بمقطع : اصلي - مجروح مرتين ’ واشار الى قلبه وراسه . وهنا انفجرت فدوى ضاحكة ....
وعقب عصام : ما نحن بنعرف نضحك اهو
فدوى : الظاهر انت راسم لي صورة فظيعة في ذهنك .
عصام : في حد برسم صوره فظيعة لشخص ويغرق في حبه بعد كدا .
عادت فدوى للابتسام من هذا الرد الذي يحمل قناطير من معاني الحب الجميلة والتي ظلت محرومة منها طيلة السنوات الماضية .. ربما كانت تدخرها لهذا اليوم ... لان مشاعرها اليوم تكفي مدينة كاملة لتجعلها تعيش في حب وغرام ...
عصام : تتصوري نحن لينا قريب ساعة واقفين ما نجلس افضل ولا انت مستعجلة عشان انا احكي لك قصتي من يوم ما تفارقنا ..
فدوى وجدت نفسها تبتسم وتتجه ناحية كرسيين قريبين
في الكافتريا توتر صديقات فدوى وخرجن يتفقدنها ... ومن بعيد كان المنظر بالنسبة لهن غريب جدا ... هن في الاول كن خايفات على فدوى انه تمسك بتلابيب الشاب ويتحول الموقف الى معركة وفضائح لان فدوى في مثل هذه المواقف تخرج عن طورها وتتحول الى لبوة كاسره . لكن من بعيد كان المنظر محير بالنسبه لهن ..اذا كتنت فدوى تبكي وتمسح دموعها بالمناديل ... واسرت نادين الى رفيقاتها وهي صديقة طفولة بالنسبة لفدوى قائلة لا اذكر يوم انه شاهدت دموع فدوى ولا نحن صغار .. بل فدوى كانت تعتقد ان البكاء من اكبر العيوب .. ولكن ماسر ذلك الشاب وهي ذهبت اليه بنية تاديبه وهاهي الان تبدو ذائبة امامه .....
عاد زميلات فدوى الى اماكنهن يكاد يقتلهن الفضول .. وكل ما ذهبت احداهن تتفقد الموقف وجاءت وفاجاتهن مره بان فدوى غارقه في الضحك وفدوى عادت للبكاء من جديد ... لنعد لمشهد العاشقين من جديد ..
بعد ان جلسا على كرسيين ابتدر عصام قائلا : بعد ان انتقلنا من مدينتكم الى مدينة ثانية جاءت لابي فرصة اعارة الى دول الخليج وانا واخوتي الصغار اكملنا تعليمنا هناك .. اما انا فتم قبولي هنا في الجامعة في كلية القانون ... لكن السؤال الذي بدر الى ذهنك كيف عرفت انه انت تم قبولك هذا العام في كلية الاداب لغة انجليزية ؟؟؟؟
اسمحي لي انت اليوم كفاك الدموع انا راح اطرح اسئلتك انابة عنك وارد عليها ...
فدوى اخذت تنهيده طويلة ... وقالت له كيف عرفت انه هذا هو السؤال فعلا ؟؟؟
عصام :
: تعرفي كنا انا وشلة من الزملاء نتناقش وجات سيرة الطلاب الجدد وعلق احدهم انه في كلية الاداب هناك بنت جميلة جدا لكنها وحش كاسر لا احد يستطيع ان يقرب منها الا اذا كان هو مروض وحوش ..،.بدا وجه ليلى يتلون ويبدو انه علاها الغضب وكادت تتمسك في عصام حتى يريها هذا الشاب الذي وصفها بالوحش الكاسر .. ولكنها تذكرت بانها هذا اليوم طردت فيه الرجل الشرث من قلبها .. وفي هذا اليوم اكتسب دمها اللون الوردي وبدا قلبها يعزف ايقاعات الحب التي اطربتها لاول مره .. وابتسمت بعد ذلك ... تلك الابتسامه شجعت عصام على مواصلة الحديث ويبدو انه حكاية الوحش الكاسر رماها كبالونة اختبار ليعرف نفسه الى اي مدى روض قلب فدوى ...وقال عصام : انا اول ما سمعت كلمة جميلة وشرسة صعدت صورتك الى سطح ذاكرتي فورا وبدا القلب الجريح سابقا يخفق بشده .. وجدت نفسي ادور حول الطلاب الجدد في كلية الاداب الا ان وجدتك ومن لحظتها ما قادر اغمض عيني عنك اخاف تختفي من جديد ...
ابتسمت فدوى بل شعرت بان كل خلاياها بدات تضحك ... وحست كأن بداخل جسمها انطلق مهرجان ضخم من الالعاب الناريه والالوان ولولا الحياء لوقفت وقفذت ورقصت لكن ليس في هذا المكان وبالنسبة لها ولا في اي مكان آخر في الدنيا ... اصبحت روحها مشتته بين رغبات كثيره .. تريد ان تطير لتحكي لصديقاتها عن هذا الحب الذي ولد كبيرا .. وفي ذات الوقت لا تريد ان تذهب الى اي مكان في هذا العالم والا برفقة عصام ...
خرجت منها عباره عابره : عصام يا ليت انا لو استطيع ان امسح الجرح الذي سببته لك من وجهك .
عصام : بالعكس هذا اغلى شئ عندي الان بل هو بمثابة توقيعك على باني محجوز لك الى الابد ..
فدوى : انت كلامك ساحر جدا وانا اتمنى انه اليوم الشمس ماتغيب ...
فعلا لم يشعر الاثنان بانه عدت ثلاث ساعات منذ ان جلسوا في هذا المكان ... زحف عنهم الظل وتركهم في الشمس ولم يشعروا بها ..
اخيرا قرر صديقات فدوى وبحجة القلق عليها ان يقتحمن الجلسه ويطمئن عليها وبان المحاضره فاتتها والثانية كادت تبدا ولكن في ذهنهن سؤال الفضول الذي قراته فدوى وهو من هذا الذي احتواك منا ؟؟؟؟؟ ....
بادرت فدوى :: اهلا يا شباب اعرفكم بود خالتي عصام ... الاخوات نادين .. ميسون .. ,سناء ..
عصام اطربته الصفة التي الحقته بها فدوى وعرفته على انه ابن خالتها .. وهي رغم اعترافها بحبه لكنها لازالت حريصه على سمعتها ..
سلم الصديقات على عصام واستاذن تاركين لها الجو من جديد ...
عصام : خلاص يا احلى فدوى انا راح اسيبك اليوم فقط لكن تاني ما في فراق حتى ولو بفلقة جديدة ...
ضحكت فدوى مودعه عصام وهي تشمله بابتسامتها الساحره ونظراتها لا تنقطع عنه ...
ذهب عصام نحو شلته وبادروه مهنيين
وقال احدهم :: نحييك يا مروض الوحوش ضج الجميع بالضحك قبل ان يلجمهم عصام بعباره ..ياجماعة انتو فاهمين غلط ودي فدوى بنت خالتي .............. ليسكتوا متمتمين بالاعتذار يغلفهم الخجل
ولكن فدوى رغما عن تلك القساوة والشقاوة التي وصمت بها الا انها كانت جميلة جدا لم تفلح اثار العراك التي تخوضها في تغطية ذلك الجمال او تشوهه .. حتما لم يكن يجرؤ احد ان يتطرق لهذا الجمال .. وعندما قاربت فدوى من سن الثانية عشر بدات ملامح الانوثه تقترب منها الا انها لم تكترث واصلت في ركوب الدراجة ولعب الكره وضرب الاولاد اذا لزم الامر ...
اصبحت لفدوى حاشية خاصة بها من غير اخوتها .. كذلك اصبح لفدوى رفقاء من الصغار يتفذون تعليماتها وينقلون لها الاخبار. في يوم ما جاءها احد افراد الحاشية وهمس في اذنها قائلا لها_ ( عصام ابن المدير العام قال يحبك ) .. جن جنونها انتفضت فدوى غاضبة وهائجة وتناولت عكازها
وذهبت متوجهة ناحية بيت ال عصام وفتحت الباب ودخلت يتبعها الجميع من اتباعها .. ووجدت عصام جالسا في المطبخ قرب امه وسالته .
فدوى :صحي انت قلت قدام الاولاد انك بتحبني ؟
عصام مبتسما وواثقا في نفسه : بحبك وبموت فيك كمان ..
قالت فدوى : من ناحية تموت اصلا راح تموت ... ورفعت العصا وانزلتها على أم رأس عصام ..... وخرجت دون اكتراث لصرخات عصام وامه والدم الذي تفجر ....
وحتى العقوبة التي تلقتها فدوى بعد ذلك من اهلها لم تثنيها وقالت لو كرر العباره ثانية لضربته بالعصا ...
اتصلت ام عصام بوالده وعاد مسرعا من المصلحة وتم اسعافه .... ولكنه اصبح يحمل وسم فدوى في جبهته ... واطلق عليه ابناء الحي عصام ابو فلقه ..
هذا الوضع اصبح عقده لعصام مما منعه من الخروج الى الشارع وظل ماكثا في بيته حتى لا يعايره زملاؤه ... خاف والدي عصام على نفسيات ابنهم مماحدى بالاب ان يطلب نقله الى مدينة اخرى ...
نشات فدوى على هذا الحال تتصدر قصتها مع عصام مجالس الحي ومكاتب المصلحة ... بعضهم معجبا بنخوتها والاخر متحسرا بعبارة من نوع ( زي دي منو البعرسها تاني ) .. تضايق والد فدوى من هذه التعليقات وكثيرا ما حاول أن يخاطب إبنته ويذكرها بانها انثى ولا بد يوم ما ان تتزوج وتحب وتنجب .. ويجب ان تخلع عنها ثوب الرجال .. ولكن دون جدوى ...
مرت حزمة من السنوات كبرت فدوى واصبحت انثى مكتملة والتحقت بالجامعة .. ولكن لم يتغير شئ سوى انها تركت لعب الكره وركوب الدراجة والاختلاط مع الاولاد .. واصبح لها صديقات ولكن ايضا تحت سيطرتها ...
لازالت تتبعها لعنة حادثة عصام ... اذ انه لم يجرؤ اي شاب باعلان حبه لها رغما عن ان جمالها اصبح صارخا ... ولان الامر لم يقف عند حادثة عصام اذ تكرر خناقها مع كثير من الشباب حاولوا مغازلتها وخاصة في المناسبات والاعراس .
الا ان كان يوم وهي في كافتريا الجامعة لاحظت انه شاب يجلس في طرف الكافتريا ولم يغمض عينه عنها لحظة ... وهي حاولت أن تتجاهله ولكن شعرت ان نظراته تكاد تخترق ظهرها لتلتفت وتجد انه لم يكسر عينه عنها .. تضايقت جدا وشعرت ان الدم كاد يغلي في عروقها .. وخاصة بعد ان لاحظ زميلاتها نظرات الشاب وعلقوا عليه .. وهي كانت تتمنى لو كان هذا المنظر خارج الكافتريا لارته يوما اسودا في حياته .. ولكن هي كانت حريصة الا تلوث سمعتها في الجامعة ايضا يكفي عقدة الحي ..
اخيرا فكرت في انها تخرج متهادية من الكافتريا فيتبعها الشاب وتلتفت عليه وترسم له خارطة العالم على وجهه حتى يتادب ..
وفعلا نفذت وخرجت تتهادى في مشيتها ... فهم الشاب انها تريده ان يتبعها ... ومشت الا ان وجدت شجره بعيده عن الكفتريا ووقفت .. اول ما اقترب منها الشاب
وبدا الشاب بالحديث قائلا : ممكن نتعرف يا جميل ..
التفتت فدوى رافعة يدها لتصفعه .. ولكن وجدته ينظر الى يدها ويبتسم ... لتتفاجا هو بانه عصام ابو فلقه الشخص الذي لا زال يحمل وسمها ....وظلت يدها مرفوعة وفمها مفتوحا من الدهشة ..
عصام :: عايزه تكرريها تاني ... تعرفي لو فلقتيني مية مره حا ارجع واقول بحبك ..
فدوى صمتت وشعرت بان يدها اصابها الشلل ... بل ان جسمها امتلا بالنمل الذي يجري في كل اتجاه .. كما شعرت فدوى لاول مره بان الرجل الذي يسكن جسدها نزل وولى هاربا .. لتحل محله الانثى المكبوته ... ولتجد نفسها مطاطئة الراس لاول مره امام رجل .. واي رجل الرجل الذي اعلن عليها الحب قبل عشر سنوات وهما اطفال .. لتحفر رد فعلها في راسه وهاهو يعود ليكررها ثانية .. شخص لم تنساه ابدا بل كلما خلت الى نفسها كانت تندم وتتحسر على هذه الحادثة لكن لم تعلن ندمها قط لاحد ولا عرفت كيف ستصلح ذلك الخطا ...
عصام : يعني لا ضربتيني ثانية ولا نطقتي حانفضل كدا واقفين ..
حاولت فدوى ان تنطق ولكن لم تستطع لانها سبقتها الدموع التي انهمرت في صمت لتغسل تلك الفتره من عمرها .. دموع ظلت تحبسها سنين طويلة تشبها بالرجال .. لكنها اليوم لم تعد تتسيطر عليها ... بعد ان خفت حدة النحيب والبكاء حاولت ان تتحدث فخرجت منها الحروف بعبرات مخنوقة ومتقطعة وقالت لعصام معقولة لسع تحبني بعد الجاك مني ...
رد هو مستعينا باغنية :
الجاني منك ومن تباريح الهوى وصفه بصعب يا جميل
تعبت منك ولما طال بي النوى بقى لي اسيبك مستحيل
واكمل الاغنية بمقطع : اصلي - مجروح مرتين ’ واشار الى قلبه وراسه . وهنا انفجرت فدوى ضاحكة ....
وعقب عصام : ما نحن بنعرف نضحك اهو
فدوى : الظاهر انت راسم لي صورة فظيعة في ذهنك .
عصام : في حد برسم صوره فظيعة لشخص ويغرق في حبه بعد كدا .
عادت فدوى للابتسام من هذا الرد الذي يحمل قناطير من معاني الحب الجميلة والتي ظلت محرومة منها طيلة السنوات الماضية .. ربما كانت تدخرها لهذا اليوم ... لان مشاعرها اليوم تكفي مدينة كاملة لتجعلها تعيش في حب وغرام ...
عصام : تتصوري نحن لينا قريب ساعة واقفين ما نجلس افضل ولا انت مستعجلة عشان انا احكي لك قصتي من يوم ما تفارقنا ..
فدوى وجدت نفسها تبتسم وتتجه ناحية كرسيين قريبين
في الكافتريا توتر صديقات فدوى وخرجن يتفقدنها ... ومن بعيد كان المنظر بالنسبة لهن غريب جدا ... هن في الاول كن خايفات على فدوى انه تمسك بتلابيب الشاب ويتحول الموقف الى معركة وفضائح لان فدوى في مثل هذه المواقف تخرج عن طورها وتتحول الى لبوة كاسره . لكن من بعيد كان المنظر محير بالنسبه لهن ..اذا كتنت فدوى تبكي وتمسح دموعها بالمناديل ... واسرت نادين الى رفيقاتها وهي صديقة طفولة بالنسبة لفدوى قائلة لا اذكر يوم انه شاهدت دموع فدوى ولا نحن صغار .. بل فدوى كانت تعتقد ان البكاء من اكبر العيوب .. ولكن ماسر ذلك الشاب وهي ذهبت اليه بنية تاديبه وهاهي الان تبدو ذائبة امامه .....
عاد زميلات فدوى الى اماكنهن يكاد يقتلهن الفضول .. وكل ما ذهبت احداهن تتفقد الموقف وجاءت وفاجاتهن مره بان فدوى غارقه في الضحك وفدوى عادت للبكاء من جديد ... لنعد لمشهد العاشقين من جديد ..
بعد ان جلسا على كرسيين ابتدر عصام قائلا : بعد ان انتقلنا من مدينتكم الى مدينة ثانية جاءت لابي فرصة اعارة الى دول الخليج وانا واخوتي الصغار اكملنا تعليمنا هناك .. اما انا فتم قبولي هنا في الجامعة في كلية القانون ... لكن السؤال الذي بدر الى ذهنك كيف عرفت انه انت تم قبولك هذا العام في كلية الاداب لغة انجليزية ؟؟؟؟
اسمحي لي انت اليوم كفاك الدموع انا راح اطرح اسئلتك انابة عنك وارد عليها ...
فدوى اخذت تنهيده طويلة ... وقالت له كيف عرفت انه هذا هو السؤال فعلا ؟؟؟
عصام :
: تعرفي كنا انا وشلة من الزملاء نتناقش وجات سيرة الطلاب الجدد وعلق احدهم انه في كلية الاداب هناك بنت جميلة جدا لكنها وحش كاسر لا احد يستطيع ان يقرب منها الا اذا كان هو مروض وحوش ..،.بدا وجه ليلى يتلون ويبدو انه علاها الغضب وكادت تتمسك في عصام حتى يريها هذا الشاب الذي وصفها بالوحش الكاسر .. ولكنها تذكرت بانها هذا اليوم طردت فيه الرجل الشرث من قلبها .. وفي هذا اليوم اكتسب دمها اللون الوردي وبدا قلبها يعزف ايقاعات الحب التي اطربتها لاول مره .. وابتسمت بعد ذلك ... تلك الابتسامه شجعت عصام على مواصلة الحديث ويبدو انه حكاية الوحش الكاسر رماها كبالونة اختبار ليعرف نفسه الى اي مدى روض قلب فدوى ...وقال عصام : انا اول ما سمعت كلمة جميلة وشرسة صعدت صورتك الى سطح ذاكرتي فورا وبدا القلب الجريح سابقا يخفق بشده .. وجدت نفسي ادور حول الطلاب الجدد في كلية الاداب الا ان وجدتك ومن لحظتها ما قادر اغمض عيني عنك اخاف تختفي من جديد ...
ابتسمت فدوى بل شعرت بان كل خلاياها بدات تضحك ... وحست كأن بداخل جسمها انطلق مهرجان ضخم من الالعاب الناريه والالوان ولولا الحياء لوقفت وقفذت ورقصت لكن ليس في هذا المكان وبالنسبة لها ولا في اي مكان آخر في الدنيا ... اصبحت روحها مشتته بين رغبات كثيره .. تريد ان تطير لتحكي لصديقاتها عن هذا الحب الذي ولد كبيرا .. وفي ذات الوقت لا تريد ان تذهب الى اي مكان في هذا العالم والا برفقة عصام ...
خرجت منها عباره عابره : عصام يا ليت انا لو استطيع ان امسح الجرح الذي سببته لك من وجهك .
عصام : بالعكس هذا اغلى شئ عندي الان بل هو بمثابة توقيعك على باني محجوز لك الى الابد ..
فدوى : انت كلامك ساحر جدا وانا اتمنى انه اليوم الشمس ماتغيب ...
فعلا لم يشعر الاثنان بانه عدت ثلاث ساعات منذ ان جلسوا في هذا المكان ... زحف عنهم الظل وتركهم في الشمس ولم يشعروا بها ..
اخيرا قرر صديقات فدوى وبحجة القلق عليها ان يقتحمن الجلسه ويطمئن عليها وبان المحاضره فاتتها والثانية كادت تبدا ولكن في ذهنهن سؤال الفضول الذي قراته فدوى وهو من هذا الذي احتواك منا ؟؟؟؟؟ ....
بادرت فدوى :: اهلا يا شباب اعرفكم بود خالتي عصام ... الاخوات نادين .. ميسون .. ,سناء ..
عصام اطربته الصفة التي الحقته بها فدوى وعرفته على انه ابن خالتها .. وهي رغم اعترافها بحبه لكنها لازالت حريصه على سمعتها ..
سلم الصديقات على عصام واستاذن تاركين لها الجو من جديد ...
عصام : خلاص يا احلى فدوى انا راح اسيبك اليوم فقط لكن تاني ما في فراق حتى ولو بفلقة جديدة ...
ضحكت فدوى مودعه عصام وهي تشمله بابتسامتها الساحره ونظراتها لا تنقطع عنه ...
ذهب عصام نحو شلته وبادروه مهنيين
وقال احدهم :: نحييك يا مروض الوحوش ضج الجميع بالضحك قبل ان يلجمهم عصام بعباره ..ياجماعة انتو فاهمين غلط ودي فدوى بنت خالتي .............. ليسكتوا متمتمين بالاعتذار يغلفهم الخجل
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق